اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 269
لما صدر عنهم من الذنوب رَحِيمٌ يقبل توبتهم بعد ما قد وفقهم بها
وَلَمَّا سَكَتَ اى سكن وذهب عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ الذي قد استولى عليه الى حيث القى ألواح التورية وأخذ شعر أخيه يجره أَخَذَ الْأَلْواحَ المنكسرة المتلاشئة وان انكسر وضاع عنها ما فيها تفصيل كل شيء وَقد بقي منها ما فِي نُسْخَتِها اى فيما رقم ونسخ فيها سالمة عن الكسر والانكسار هُدىً اى أوامر ونواهى توصلهم الى توحيد الحق ان امتثلوا به وقبلوا وَرَحْمَةٌ تنجيهم عن الضلال ان اتصفوا بها كل ذلك حاصل لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ اى يخافون عن الله طلبا لمرضاته لا لغرض آخر من الرياء والسمعة بل من طلب الجنة وخوف العذاب ايضا بل لا يطلبون من الله الا الله ولا يأملون منه سواه
وَاذكر يا أكمل الرسل لمن تبعك قصة الكليم حين اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ اى اختار وانتخب موسى باذن منا إياه من قومه سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا ومناجاتنا فانتخب من كل سبط من الأسباط الاثنى عشر ستة نفر فزاد على المبلغ اثنين فأمر موسى بتقاعدهما فتخاصموا وتشاجروا في تعيينهما الى ان قال موسى ان اجر من قعد مثل اجر من صعد بل اكثر فقعد كالب ويوشع وذهب موسى معهم فلما دخلوا شعب الجبل وأرادوا الصعود غشيه غمام مظلم كثيف فدخلوا الغمام وخروا سجدا فسمعوا يتكلم سبحانه مع موسى يأمره وينهاه وهو يناجى مع ربه فلما تم الكلام وانكشف الغمام قالوا بعد ما سمعوا كلامه سبحانه مستكشفين عن ذاته لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ظاهرة منكشفة ذاته لأبصارنا كما انكشف كلامه لأسماعنا فاخذتهم الرجفة بسبب سؤالهم هذا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ اى الصاعقة النازلة من قهر الله وغضبه لطلبهم ما ليس في وسعهم واستعدادهم قالَ موسى مشتكيا الى الله يا رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ اى لو تعلقت مشيتك لإهلاكهم لم لم تهلكهم مِنْ قَبْلُ اى قبل اسماعهم كلامك وَإِيَّايَ ايضا لم لم تهلكني حتى لا ينسب الى إهلاكهم عند عوام بنى إسرائيل وهم لا يتشأمون بي ثم قال موسى من غاية اضطرابه أَتُهْلِكُنا بالصاعقة الشديدة يا رب بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا اى بسبب سؤال سئل سفهاءنا وصدر عنهم هذا هفوة بلا علم لهم بعظمتك وجلالك وحق قدرك وعزك بل إِنْ هِيَ اى هذه الفعلة المستبعدة والمسألة المستحيلة ايضا إِلَّا فِتْنَتُكَ اختبارك وابتلاؤك إياهم إذ أسمعت أنت لهم كلامك فاوقعتهم بهذه الفتنة العظيمة إذ أنت تُضِلُّ بِها اى بفتنتك مَنْ تَشاءُ من عبادك بان اجترءوا عليك بعد ما انكشفت عليهم نوع انكشاف وجذبتهم نحوك نوع انجذاب الى انكشاف أعلى منه واجلى فتضلوا وتكفروا بلا علم لهم الى مقتضيات استعداداتهم وَتَهْدِي بها ايضا مَنْ تَشاءُ بان سكتوا عن السؤال مطلقا وفوضوا أمورهم كلها إليك ولا يسألوا عنك ما لم يستأذنوا منك والكل بيدك وما صدر عموم ما صدر عمن صدر الا بتوفيقك واقدارك بل بك ومنك وبمقتضى قدرتك وارادتك وبالجملة أَنْتَ وَلِيُّنا ومولى أمورنا ومولى نعمنا فَاغْفِرْ لَنا عموم ما جرى علينا من المعاصي والآثام وَارْحَمْنا برحمتك الواسعة تفضلا علينا وامتنانا واعف عنا بفضلك وجودك وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ الساترين ذنوب عصاة المسرفين المفرطين
وَاكْتُبْ لَنا يا ربنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً لا توقعنا في فتنتك وَفِي الْآخِرَةِ ايضا حسنة توصلنا الى ذروة توحيدك إِنَّا بعد ما تحققنا بعلو شانك وسمو برهانك هُدْنا اى تبنا ورجعنا إِلَيْكَ من ان نسأل منك ما ليس لنا علم به سيما بما يتعلق بذاتك قالَ سبحانه متعززا برداء العظمة والكبرياء
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 269